رسالة إلى المستبدين العرب
النهاية الدراماتيكية التي عرفها أول أمس نظام حكم العقيد المخلوع معمر القذافي
لم تكن مفاجئة، اللهم إلا بالنسبة لزعماء بعض الأنظمة العربية الأخرى المماثلة
في طغيانها واستبدادها وامتهانها لكرامة شعوبها، والذين مازالوا يبدون إصرارا
غريبا على التمادي في تجاوزاتهم وانتهاكاتهم لحقوق مواطنيهم في الحرية
والديمقراطية، معتقدين أنهم بانتهاجهم مثل هذه السياسة المخالفة لكافة
الشرائع - السماوية والمدنية - سيقدرون على تأمين دوام بقائهم في السلطة
على جثث وجماجم أبناء جلدتهم.
هؤلاء الزعماء - الذين رفضوا حتى الآن استيعاب دروس التاريخ البعيد والقريب -
لا بد أن لا يغمض لهم جفن بعد الآن بعد الرسالة الواضحة التي وجهها إليهم ثوار
طرابلس البواسل والتي أكدوا فيها صحة القانون الأزلي حول المصير الحتمي لكل
حاكم ظالم يمعن في قمع شعبه، أويتحدى مطالبه المشروعة بإجراء إصلاحات
سياسية ويستميت للبقاء في السلطة رغما عن إرادته، ألا وهو الموت مقتولا، أو
الاعتقال والمحاكمة في أقل تقدير.
وفي مقدمة هؤلاء الزعماء المقصودين رأسي النظامين السوري بشار الأسد واليمني
علي عبد الله صالح حيث لم تنفع كافة المساعي والمبادرات والضغوط الدولية في
إقناعهما بأنهما باتا يفتقدان كل شرعية في ضوء جرائم الابادة التي تورطا فيها
ضد شعبيهما والتي حصدت أرواح عشرات الآلاف منهم بلا ذنب اقترفوه سوى أنهم
قالوا "كفى" للظلم والقهر وقمع الحريات واغتصاب الحقوق وناشدوا إقرار
إصلاحات سياسية تستجيب لتطلعاتهم المشروعة بصورة سلمية وحضارية.
لقد دفع القذافي وأقاربه ومعاونوه غاليا جدا ثمن شر أعمالهم وعدم ترددهم في تدمير
حياة أبناء الشعب الليبي الشقيق لعقود، وتجرؤهم على إصدار الأوامر بفتح النار
عليهم على مدى أشهر مما تسبب في إزهاق أرواح الآلاف منهم.. وفي ذلك رسالة
نتمنى أن يجري التمعن فيها جيدا في دمشق وصنعاء وأخذ العبرة منها الآن قبل
مزيد تدهور الأمور وولوج المنعرج القاتل.